الخميس، 25 مارس 2010

Shut Up!..

أنا السببْ .
في كل ما جرى لكم ..
أيها العربْ .
سلبتُكم أنهارَكم والتينَ والزيتونَ والعنبْ .
أنا الذي اغتصبتُ أرضَكم وعِرضَكم
، وكلَّ غالٍ عندكم
أنا الذي طردتُكم من هضْبة الجولان
والجليلِ والنقبْ
. والقدسُ ، في ضياعها ، كنتُ أنا السببْ
. نعم أنا ..
أنا السببْ .
أنا الذي لمَّا أتيتُ :
المسجدُ الأقصى ذهبْ .
أنا الذي أمرتُ جيشي ، في الحروب كلها
بالانسحاب فانسحبْ .
أنا الذي هزمتُكم
أنا الذي شردتُكم
وبعتكم في السوق مثل عيدان القصبْ
. أنا الذي كنتُ أقول للذي
يفتح منكم فمَهُ :
" شَتْ ابْ " ***
نعم أنا ... أنا السببْ .
في كل ما جرى لكم يا أيها العربْ ..
وكلُّ من قال لكم ، غير الذي أقولهُ
، فقد كَذَبْ .
فمن لأرضكم سلبْ .؟!
ومن لمالكم نَهبْ .؟!
ومن سوايَ مثلما اغتصبتكم قد اغتَصبْ .؟!
أقولها صريحةً
، بكل ما أوتيتُ من وقاحةٍ وجرأةٍ ،
وقلةٍ في الذوق والأدبْ .
أنا الذي أخذتُ منكم كل ما هبَّ ودبْ .
ولا أخاف أحداً ،
ألستُ رغم أنفكم
أنا الزعيمُ المنتخَبْ .!؟
لم ينتخبني أحدٌ لكنني
إذا طلبتُ منكم في ذات يوم ، طلباً
هل يستطيعٌ واحدٌ أن يرفض الطلبْ .؟!
أشنقهُ ، أقتلهُ ، أجعلهُ يغوص في دمائه حتى الرُّكبْ .
فلتقبلوني ، هكذا كما أنا ،
أو فاشربوا " بحر العربْ " .
ما دام لم يعجبْكم العجبْ .
مني ، ولا الصيامُ في رجبْ .
ولتغضبوا ، إذا استطعتم ،
بعدما قتلتُ في نفوسكم روحَ التحدي والغضبْ .
وبعدما شجَّعتكم على الفسوق والمجون والطربْ .
وبعدما أقنعتكم أن المظاهراتِ فوضى ، ليس إلا
، وشَغَبْ .
وبعدما علَّمتكم أن السكوتَ من ذهبْ .
وبعدما حوَّلتُكم إلى جليدٍ وحديدٍ وخشبْ .
وبعدما أرهقتُكم
وبعدما أتعبتُكم حتى قضى عليكمُ الإرهاقُ والتعبْ
. ***
يا من غدوتم في يديَّ كالدُّمى وكاللعبْ
. نعم أنا ..
أنا السببْ .
في كل ما جرى لكم
فلتشتموني في الفضائياتِ
، إن أردتم ، والخطبْ .
وادعوا عليَّ في صلاتكم وردِّدوا :
" تبت يداهُ مثلما تبت يدا أبي لهبْ ".
قولوا بأني خائنٌ لكم ،
وكلبٌ
وابن كلبْ .
ماذا يضيرني أنا ؟!
ما دام كل واحدٍ في بيتهِ ، يريد أن يسقطني بصوتهِ
، وبالضجيج والصَخبْ .؟!
أنا هنا ،
ما زلتُ أحمل الألقاب كلها
وأحملُ الرتبْ .
أُطِلُّ ، كالثعبان ، من جحري عليكم
فإذا ما غاب رأسي لحظةً ، ظلَّ الذَنَبْ .!
فلتشعلوا النيران حولي واملأوها بالحطبْ .
إذا أردتم أن أولِّيَ الفرارَ والهربْ .
وحينها ستعرفون ،
ربما ،
مَن الذي ـ في كل ما جرى لكم ـ كان السببْ
انا السبب
نعم
أنا السبب
و (شت اب)

السبت، 20 مارس 2010

نزار يترك الرومنسية ويحمل قلماً

هل في العيون التونسية شاطئ ترتاح فوق رماله الأعصاب؟
أنا يا صديقة متعب بعروبتي فهل العروبة لعنة وعقاب؟
أمشي على ورق الخريطة خائفاً..فعلى الخريطة كلنا أغراب
أتكلم الفصحى أمام عشيرتي.. وأعيد
لكن ما هناك جواب
لولا العباءات التي التفوا بها
ما كنت أحسب أنهم أعراب
قبلاتهم عربية
من ذا رأى فيما رأى قبلاً لها أنياب
أنا متعب ودفاتري تعبت معي
هل للدفاتر يا ترى أعصاب؟
فخريطة الوطن الكبير فضيحة
فحواجز ومخافر وكلاب
يا تونس الخضراء كأسي علقم
أعلى الهزيمة تشرب الأنخاب
يا تونس الخضراء كيف خلاصنا؟
لم يبق من كتب السماء كتاب
فكأنما كتب التراث خرافة كبرى..
فلا عمر ولا خطاب
وبيارق ابن العاص تمسح دمعها
وعزيز مصر بالفصام مصاب
من ذا يصدق أن مصر تهودت
فمقام سيدنا الحسين يباب!
ما هذه مصر
فإن صلاتها عبرية
وإمامها نصاب
ما هذه مصر
فإن سماءها صغرت
ونساءها أسلاب
إن جاء كافور ...فكم من حاكم قهر الشعوب
وتاجه..قبقاب
قرطاجة
قرطاجة
قرطاجة
شاخ الزمان وأنت بعد شباب
أأنا مغني القصر يا قرطاجة؟
كيف الحضور وما عليّ ثياب؟؟؟
لا تعذريني إن كشفت مواجعي
وجه الحقيقة ما عليه نقاب
فإذا قسوت غلى العروبة مرة..
فمن العباءة تطلع الأعشاب
وإذا صرخت بوجه من أحببتهم
فلكي يعيش الحب والأحباب
وذنوب شعري؟ كلها مغفورة..
فالله جل جلاله التواب...
نزار قباني....

السبت، 13 مارس 2010

The Second Paper

ورقة من المنفى....
تحية ... وقبلة
وليس عندي ما أقول بعد
من أين أبتدي؟.. وأين أنتهي؟..
ودورة الزمان دون حد
وكل ما في غربتي
زوادة،فيها رغيف يابس، ووجد
ودفتر يحمل عني بعض ما حملت
بصقت في صفحاته ما ضاق بي من حقد...
من أين أبتدي؟..
وكل ما قيل وما يقال بعد غد
لا ينتهي بضمة أو لمسة من يد
لا يرجع الغربيب للديار
لا ينزل الأمطار
لا ينبت الريح
على جناح طير ضائع.. منهدّ
من أين أبتدي؟ تحية؟ قبلة؟ وبعد؟
أقول للمذياع:
قل لها أنا بخير
أقول للعصفور
إن صادفتها يا طير
قل:لا تنسني..
وقل:
بخير
أنا بخير
ما زال في عيني بصر
ما زال في السما قمر
وثوبي العتيق حتى الآن ما اندثر...
تمزقت أطرافه.. لكنني رتقته ولم يزل بخير
وصرت شابا جاوز العشرين..
تصوريني.. صرت في العشرين
وصرت كالشباب يا أماه
أواجه الحياة
وأحمل العبء كما الرجال يحملون
وأشتغل في مطعم.. وأغسل الصحون
وأصنع القهوة للزبون
وأألصق البسمات فوق وجهي الحزين
ليفرح الزبون
........
أنا بخير
قد صرت في العشرين
وصرت كالشباب يا أمي
أدخن التبغ
وأتكي على الجدار
أقول للحلوة: آه
كما يقول الآخرون
.....
يقول صاحبي: هل عندكم رغيف؟
يا إخوتي.. ما قيمة الإنسان إن نام كل ليلة...جوعان؟
أنا بخير
أنا بخير
عندي رغيف أسمر..
ليس عندي خضار... لكن عندي سلة للخضار...
ما زلت يا أمي بخير
.....
سمعت في المذياع
تحية المشردين للمشردين
قال الجميع كلنا بخير
لا أحد حزين
فكيف حال والدي؟
ألم يزل كعهده؟ يحب ذكر الله...
والأبناء
والتراب .. والزيتون؟
وكيف حال أخوتي؟
هل أصبحوا موظفين؟
سمعت يوما والدي يقول
سيصبحون كلهم معلمين
سمعته يقول:
"أجوع حتى أشتري لكم كتابا"
لا أحد في قريتي يفك حرفا في خطاب
وكيف حال أختنا؟
هل كبرت؟... وجاءها خطاب؟
وكيف حال جدتي؟
ألم تزل كعهدها تحب قعود الباب..
وتدعو لنا بالشباب والثواب؟
سمعت في المذياع
رسالئل المشردين للمشردين
جميعهم بخير
لكنني حزين
....
ماذا جنينا نحن يا أماه؟
حتى نموت مرتين؟
فمرة نموت في الحياة
ومرة نموت عند الموت
هل تعلمين ما الذي يملؤني بكاء؟
هبي مرضت ليلة وهد جسمي الداء
هل يذكر المساء..مسافرا قد أتى هنا...
ولم يعد إلى الوطن؟
هل يذكر المساء
مهاجرا مات بلا كفن
وأنت يا أماه...
ووالدي وإخوتي والأهل والرفاق...
لعلكم أحياء
لعلكم أموات
لعكم مثلي بلا عنوان
ما قيمة الإنسان يا أمي
بلا عنوان؟؟؟

من أعمال: الدرويش محمود.....